عندما توج المنتخب العراقي بلقب كأس آسيا الماضية، لأول مرة في تاريخه ظن الجميع أن العراقيين أصبحوا على موعد مع التألق ومع البطولات والإنجازات الكبرى في عالم كرة القدم، خاصة أن العراق لم يكن فوزه بالمونديال الآسيوي محض صدفة أو ضربة حظ، بل أنه تحقق بعد أداءٍ متميز ومبهر للاعبي العراق، ونتائج كبرى لم يتوقعها أحد على الإطلاق، كان أبرزها الفوز على أستراليا في الدور الأول (3-1)، والفوز على فيتنام في ربع النهائي بهدفين دون رد، وتخطي كوريا الجنوبية في الدور نصف النهائي بضربات الترجيح.
أما في المباراة النهائية من البطولة فقد أكد العراقيون تفوقهم بالفوز على المنتخب السعودي (1-0).
ولكن وعلى غير المتوقع تماماً فقد تراجع أداء العراقيين بشدة بعد ذلك حيث خرجوا بخفي حنين من تصفيات مونديال 2010، بعد أن احتلوا المركز الثالث في مجموعتهم التي ضمت معهم كل من أستراليا وقطر والصين.
وينظر لاعبو المنتخب العراقي لكأس الخليج القادمة على أنها فرصة ذهبية لاستعادة الثقة ولإعادة التماسك والعودة إلى سكة الانتصارات والتألق، بعد أن اهتزت الثقة تماماً فيهم بعد النتائج المتواضعة الماضية.
وعلى الصعيد الفني يعتبر الجهاز الفني لأسود الرافدين، ومسؤولي الاتحاد العراقي لكرة القدم، أن البطولة القادمة هي أول مراحل إعداد المنتخب العراقي للمشاركة في معترك كأس العالم للقارات والتي ستكون مشاركة تاريخية بالتأكيد، لأنها أكبر بطولة يشارك فيها العراقيون على مستوى مشاركات المنتخب الأول منذ المشاركة التاريخية للعراق في مونديال عام 1986 في المكسيك.
ومرت استعدادات العراقيين بمنحنيات وتغيرات كثيرة قبل انطلاق كأس الخليج، ففي البداية أقيل عدنان حمد من تدريب المنتخب العراقي، وبدأت رحلة المفاوضات الشاقة للاتحاد العراقي ورئيسه حسين سعيد للبحث عن مدرب جديد يتولى قيادة أسود الرافدين في الاستحقاقات القادمة، وبعد عدة اتصالات بالعديد من المدربين الأوروبيين، والبرازيليين وجد الاتحاد العراقي ضالته في المدرب السابق للمنتخب وصاحب إنجاز الفوز بكأس آسيا البرازيلي جورفان فييرا.
وقام فييرا فور قدومه إلى العراق بوضع برنامج عمله للفترة المقبلة والتي تضمنت الاستعداد للمشاركة في خليجي 19 وكأس القارات، في وقت أكد فيه الاتحاد العراقي أنه غير قادر على تنفيذ هذا البرنامج بعيداً عن دعم الحكومة.
وأوضح نائب رئيس الاتحاد العراقي لكرة القدم ناجح حمود أن: "البرنامج الاستعدادي والتدريبي للمنتخب الذي وضعه فييرا على طاولة الاتحاد برنامج كبير لا يمكن تنفيذه وإنجاحه بعيداً عن الدعم الحكومي المنتظر لمسيرة المنتخب للمرحلة المقبلة".
وأضاف: "نأمل أن تتفهم الجهات الحكومية طبيعة هذا البرنامج ومتطلباته، لكي يستفيد منه منتخبنا ويتحضر بطريقة مثالية للفترة المقبلة واستحقاقاته، وفي مقدمتها المشاركة في خليجي 19 في مسقط وكاس القارات العام المقبل".
وهو ما أكد عليه فييرا الذي شدد وقتها على رغبته في أن تفي الحكومة العراقية بالتزاماتها المالية تجاهه، وهنا لابد أن نتوقف قليلاً لأنه بالفعل لا يعاني المنتخب العراقي كثيراً على الصعيد الفني وعلى صعيد مستوى اللاعبين بقدر معاناته على الصعيد الإداري الذي كثيراً ما يُخرج اللاعبين ومدربهم بل ومسؤولي الاتحاد العراقي عن تركيزهم، ويعتقد الكثيرين أن ذلك هو أهم أسباب الخروج المبكر من تصفيات كأس العالم.
منتخب متجانس
وأبرز ما يميز المنتخب العراقي أنه يتكون من مجموعة متجانسة تلعب باستمرار بجوار بعضها البعض منذ كأس العالم للشباب التي أقيمت في الأرجنتين عام 2001، مروراً بكأس آسيا عام 2004 التي أقيمت في الصين، ثم دورة الألعاب الأولمبية التي أقيمت في اليونان عام 2004.
ونهاية بكأس آسيا عام 2007 ثم تصفيات كأس العالم الحالية، ومن أبرز عناصر هذه المجموعة، حارس مرمى دهوك نور صبري، وحيدر عبد القادر وقصي منير وعماد محمد ولاعبا الوسط الرائعين هوار ملا محمد ونشأت أكرم، إضافة إلى المهاجم الملقب بالسفاح يونس محمود، كما أضيف على هذه المجموعة عدة عناصر ممتازة نتاج منتخبات الناشئين التي مثلت العراق في الفترات التالية، ومن أبرز هذه العناصر مصطفى كريم مهاجم الإسماعيلي المصري، وعلي حسن رحيمه مدافع الوكره القطري، وكرار جاسم لاعب وسط الوكرة، إضافة إلى النجم الصاعد سلام شاكر لاعب الخور الحالي ولاعب أربيل السابق، والذي تألق بشدة مع فريقه في الفترة الأخيرة في الدوري القطري.
ولعل هذا التجانس الواضح بين لاعبي المنتخب العراقي إضافة إلى تواجد معظمهم كمحترفين في الدوري القطري هو ما دفع مدرب المنتخب العراقي فييرا إلى عدم استدعاء اللاعبين لمعسكر إعداد طويل قبل انطلاق كأس الخليج، كما لم يلعب العراقيون إلا مباراة ودية واحدة فقط في الفترة الأخيرة كانت أمام منتخب مكون من لاعبي العالم في مدينة ميلانو الإيطالية يوم 22 – كانون أول / ديسمبر الحالي، وانتهى اللقاء بفوز منتخب نجوم العالم بهدفين مقابل هدف واحد.
وستكون التجربة الحقيقة للمنتخب العراقي قبل انطلاق خليجي 19 أمام الإمارات في مباراة دولية ودية ستجرى في الثامن والعشرين من الشهر الحالي.
وبصورة عامة فإن المنتخب العراقي خاض خلال عام 2008، 12 مباراة مابين لقاءات رسمية في تصفيات كأس العالم وأخرى ودية، وفاز العراقيون في ثلاث مباريات فقط بينما تعادلوا في ثلاث، وخسروا في ست مباريات.
ولعل الفوز على استراليا بهدف نظيف، وعلى الصين في بكين بهدفين مقابل هدف، هو أبرز نتائج العراق في 2008.
المصدر
Hf'hg Nsdh dfpe,k uk hsjuh]m hgerm